Search This Blog

Saturday, December 31, 2011

مصري




انا مصري 
اعيش بلا وطن 
في جحيم اسميه وطني 
و احمل جنسية تشبه 
ختم المسجونين
فالوطن خرائب 
و القلب خرائب 
و الاثنان زرائب 
مسكونة بالخنازير 
ملوثة 
و الروح مدهوسة بالجنازير 

بقلم 
لورانس و وليم

Wednesday, December 28, 2011

في ليلة عيد


مقدمة لا فائدة منها الا الاستطراد و بامكان سريعي  الملل ان يتجاوزوها
و ان كنت اعتقد ان الفضوليين سيدسوا انوفهم  و ربما عويناتهم المحموله فوقها  في تلك المقدمة 


لو قرر المسيح ان يولد ثانية  في عيد الميلاد القادم 7-1-2012
تري  هل  سيجد لنفسه مكانا  في الكاتدرائية الفخمة  بكل من فيها من جنرالات  الجيش و ايديهم الملوثة بالدماء  و رجال الدولة المعارضين لحرية بناء الكنائس  و رجال الاعمال اصحاب الكروش المتضخمه
و اعضاء الاحزاب المطالبين  بتهجير المسيحيين الي امريكا و كندا او فرض الجزية عليهم

تري  هل  سيستطيع  النجار البسيط  يوسف  و الفتاة القروية البسيطة مريم  يواقيم  ان يحصلوا  علي دعوة لحضور  قداس  عيد الميلاد 
تري هل سيجدوا لهم مكانا  بين المدعوين  بين   سياسي  و مهم و غني  و صاحب نفوذ   و قريب لهذا الاسقف او
ذاك القمص

و هذه قصة شبه حقيقية  شبه رمزية
تتكرر في كل قداس  و لا نراها
و تحدث في كل كنيسة
حتي ايام الرسل  فاعلنها القديس يعقوب



يا اخوتي لا يكن لكم ايمان ربنا يسوع المسيح رب المجد في المحاباة.


فانه ان دخل الى مجمعكم رجل بخواتم ذهب في لباس بهي ودخل ايضا فقير بلباس وسخ

فنظرتم الى اللابس اللباس البهي وقلتم له اجلس انت هنا حسنا وقلتم للفقير قف انت هناك او اجلس هنا تحت موطئ قدميّ

فهل لا ترتابون في انفسكم وتصيرون قضاة افكار شريرة.

اسمعوا يا اخوتي الاحباء أما اختار الله فقراء هذا العالم اغنياء في الايمان وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه.
واما انتم فاهنتم الفقير.أليس الاغنياء يتسلطون عليكم وهم يجرّونكم الى المحاكم.
أما هم يجدّفون على الاسم الحسن الذي دعي به عليكم.



انتهت المقدمة المملة
و ابدا الآن في قصة اكثر املالا  منها
لورانس  


في ليلة  عيد

الساعة الرابعة  عصرا  
و جو القرية  الممطر  الموحل  ينبئ بليلة عاصفة
و تتساقط رخات المطر  خافتة  كغطيط طفل  مصحوبة بصوت رياح خافتة  كنفس  ام الطفل  النائمة  بجواره 

و الكل  مختبئ  في بيوته 
ولا يوجد اي دليل علي الحياة في تلك القرية  


الا 

صوت  خطوات المعلم  منير  و هو يهرول الي الكنيسة  بين الاوحال و الامطار  

في جلبابه  المعتاد  و هو يضم تلفيحته حول رأسه  

مسرعا الي الكنيسة  

المغلقة
فينادي  علي حارسها
يا عم عطية

لا رد
فيكرر مثني و ثلاث  و رباع
بلا اي جدوي  
فيعلو  صوته حتي يسمع صوتا متململا  نائما  

ايوة  ثواني  
يتبعه صوت سلسلة مفاتيح 
ثم يفتح الباب
-كل سنة و انت  طيب
-و انت  طيب يا سيدي ايه الي جباك  بدري    
- تسبحة العيد  
- طيب ما كنت تبقي تصليها في الهيكل بسرعةو تريح دماغك و دماغي  
- حاضرالعيد الي جاي 
و هم عطية باغلاق الباب  لولا ان استوقفه المعلم منير  خليه مفتوح يمكن حد من الشمامسة يحب  يجي  يصلي معايا 
فتركه عطية و هو  يقول شئ ما عن صومايل المخ التي نعمت مع التقدم في السن و شيئا آخر عن مين المجنون الي هيجي في الجو ده  

و بدأ في صلاة مزامير الهوس  الفرايحي الخاص  بالعيد  
و معه ارتفع صوت الامطار و الرياح و حيانا الرعد  

و خيل له ان صوت الرياح  يرنم معه لحن تين ثينو
و العجيب ان الرياح  تجيد القبطية  و ترتل معه بصوت رخيم  اشبه بصوت البشر 

لانه ببساطة  صوت  بشر

فتوقف ليتأكد  
و هنا  وجد  رجلا  كبيرا في السن  و معه  سيدة شابه حامل و اوشكت علي الولاده  في نهاية الكنيسة  يرتلان معه  
فتوقف و طلب منهما الاقتراب  ليشتركا  معه  في الصلاة  
و فعلا بدا  الرجل  العجوز في مرابعة معلم الكنيسة  الي ان قاربت التسبحة علي الانتهاء  و توافد الشمامسه بملابسهم الجديدة  و نظروا للعجوز  بملابسه الرثه و لحيته النامية  
مما اشعره بحرج  فمال علي اذن المعلم  
-معلش  هاستاذن علشان اشوف الجماعه محتاجين حاجة ؟

و استمر في الصلاة  متابعا  اصوات الشمامسة المتجملة 
و صرعاتهم الخفية  من احلاهم صوتا  و من اكثرهم حفظا  
من يجلس اين
و هنا فوجئ بجلبة في الكنيسة  
- ايه الي قعدكم هنا   
ايه  بس
- الدكك الاولانية مخصصة لاعضاء مجلس الشعب و الناس الي جاية تهني  بالعيد و انتوا وسختوها 

بهدومكم الجربانة دية  

فالقي المايكروفون في يد احد الشمامسه  ليكمل بدلا منه 

و ذهب  الي عطية  

ايه يا عم عطيةدولة  ضيوف ما يصحش نزعق لهم  
يعني اتعب انا و انضف الكنيسة علشان الزوار و هم يبهدلوا البلاط و الدكك 
- ولا يهمك انا هاساعدك  في التنضيف 
و قام  بتطييب خاطري  الضيفين  
ثم  قام بتنظيف المتكآت الاولي تاركا الشمامسه  يكملون صلاة التسبحه 

و هنا  سمع صوت اقرب للرعد  
لكنه مجرد وقع اقدام قمص الكنيسة
صاحب المقام الكبير و الكرش الكبير و الوزن الثقيل  

- ايه  الي بيحصل ده  مش منبه عليك  تبتدي تنضيف  بعد  قداس البرامون  
- صدقني نضفت  بس فيه ناس  داسوا في الطين و بهدلوا الكنيسة  
مشيرا الي الضيفين  بطرف عينيه  

- طيب و مين الي دخلهم  مش يمكن يكونوا حرامية و لا هرابانين و لا عاملين عملة و يجيبوا لنا مصيبة 

و بصرامة  جنرال نازي اتجه اليهم 
بوجه متجهم  
اهلا بيكم  كل سنة و انتم طيبين  
انا القمص برسوم  كاهن الكنيسة
و حضراتكم مين ؟؟

- انا اسمي يوسف
و دية مراتي  مريم

ازاي اصلا  حد  قي سنك يتجوز عيلة  من دور بناته  كده
عموما اسيبك  دلوقتي علشان الصلاة  


و بدأت تلاوة القداس  و معه بدأ توافد   عارضات الازياء و عارضيه علي الكنيسة كل  يفخر  بملابسه و منظره
مع الكثير  من الشمامسه

و الكثير من صرعات  ايهم افضل صوتا و اقرب  مكانة من قمص  الكنيسة و ايهم اقرب  ليتم ترشيحه للكهنوت

مع بعض النظرات المسروقة هنا و هناك  الي تلك الفتاة او الاخري


اما حوش الكنيسة فحدث  و لا حرج
جماعات من المراهقين و جماعات اخري من المراهقات
و ثنائيات  و رباعيات و سداسيات

و اما تحت الاسكيني  " القبة " او ما يسمي بالخورس فلم يختلف الامر كثيرا
الكثير من المتنافسين و الكثير من الاصوات  التي تحاول ان ترتفع و الكثير من المتقربين من المعلم
و الكثير من افتعالات الدهش الروحي  مع اغماض العيون و البكاء المصطنع  من  قمص الكنيسة و تلاميذه المقربين

خصوصا عند توجه الكاميرا  الي وجه القمص


و انتهي القداس   عند البعض بالتناول  ليسرعوا الي  لقاء حبيبة طال الاشتياق لها   طوال الصيام
الا و هي
اللحوم

و عند البعض الآخر  بالتزاحم  للحصول علي الاولجيا "لقمة البركه  " مقبلين يد القمص  متمنين له  عيدا سعيدا
فيجيب عليهم  بفتور   او بحماسة  حسب  مكانتهم الاجتماعية

و في  وسط  تقدم العجوز  يوسف  الي القمص  يهنئه بالعيد
و يستمع الي رد  اقرب الي همهمة ما
كل *ن * و ان* *يب

ثم مال علي اذنه يستأذنه في المبيت  في الكنيسة  او في احد  قاعات خدماتها حتي الصباح

 لا ينال الا رفضا  متحججا  بانه ممنوع لاسباب  امنيه

فيخرج  كسير القلب  منتظرا  امرأته

بين الصقيع و الامطار

و كعادة المعلم منير  انتظر  حتي خلع الكاهن ملابس الخدمة  ثم خلع هو تونيته  و قام  باغلاق المايكروفونات  و الانوار  ثم  اغلق باب الكنيسة  و ساعدعم عطية في اغلاق الباب الخارجي
و هم بالركض الي بيته لولا ان استوقفته
كومة من الملابس  في هذا الجو  ترتعش
و كادت الرياح ان تنتزعها من فوق  العجوز يوسف و امرأته
فاقترب منهما مرتعشا
- ايه الي قعدك هنا يا عم يوسف ؟؟
- اصلي ما لقيتش  مكان انام فيه
- طيب  انت تنورني  و تباركني النهارده
- بس  اخاف اكون ضيف تقيل عليك
- ازاي  ده انت تباركني  و ما تخافش  انا و مراتي  في البيت وزهقانين من وشوش  بعض  و انت هتيجي  تباركنا و تفرحنا بالعيد
و هكذا استمر الحديث  حتي وصلوا الي بيت المعلم  الريفي الطابع و قامت زوجته
بفتح الباب
و دعته و ضيفيه الي الدخول
فقادهما الي  الحمام  لغسل الايدي  و في نفس الوقت اسرعت زوجته بتقديم  ملابس  بيتيه  مريحه له و لزوجته
و اقتادتهما الي حجرة  ليغيرا  الملابس فيها
ثم اقتادتهما ثانية الي مائدة  فقيرة في طعامها  غنية بكرم اصحابها  و هي تقول شئا ما عن اللقمة الهنية التي لابد ان تكفي مائة  و عن النور الذي  اضفاه  وجودهما معه
و اكتفي الضيفان ببضع لقيمات  برغم الحاح  المعلم وزوجته
ثم قاما لغسل ايديهما و توجها الي غرفتهما

و عندما اوي  المعلم  الي فراشه  و امتدت  ايدي النعاس الي جفيه  فوجئ  بقرعات علي باب الغرفة
فترنح الي بابها و فتحه ليجد  العجوز يوسف  يخبره بان حمل زوجته اوشك علي الانتهاء  و يستأذنه بان تأتي الجماعه  لمعاونة جماعته
فايقظها  و قامت  تهرول  وراءه  الي غرفة الضيوف
لتجد  طفلا  صغيرا  علي الفراش  

و تقترب  منه  ذاهلة  لتتأمله
فتجد  ثقوب في يديه و قدميه
و تسمع صوتا  حنونا يقول



تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم
35 لأني جعت فأطعمتموني . عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني
36 عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي
37 فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعا فأطعمناك، أو عطشانا فسقيناك
38 ومتى رأيناك غريبا فآويناك، أو عريانا فكسوناك
39 ومتى رأيناك مريضا أو محبوسا فأتينا إليك
40 فيجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر ، فبي فعلتم
41 ثم يقول أيضا للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته
42 لأني جعت فلم تطعموني. عطشت فلم تسقوني
43 كنت غريبا فلم تأووني. عريانا فلم تكسوني. مريضا ومحبوسا فلم تزوروني
44 حينئذ يجيبونه هم أيضا قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعا أو عطشانا أو غريبا أو عريانا أو مريضا أو محبوسا ولم نخدمك
45 فيجيبهم قائلا: الحق أقول لكم: بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر، فبي لم تفعلوا
46 فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية

انجيل متي  اصحاح 25
34 - 46  


انتهت  

بقلم  

لورانس  و وليم  

Tuesday, December 20, 2011

اخضع



اخضع
و بوس الايادي
اخشع
 قدام الكرش العالي
دي القبة
فوقها صليب  بينادي
دي الدقن
طويلة و بتداري

اسمع
ده ربنا الي بينادي
ده كلامه
هو مش  كلامي
ارفع
صلاتك  قدامي
اركع
و قبل اقدامي
ده انا
الي المسيح اعطاني
الكهنوت  و السلطان
علشان تبقوا عبيدي
و خدامي
البنات
ملكات  ايماني
و الشباب
عبيدي  و خدامي



اخضع 
 و بوس الايادي
اخشع
قدام الكرش العالي
دي العمة
و اللبس الافغاني
دي الدقن
 طويلة و بتداري 

اسمع
لا تجادل كلامي
اسمع
لا تخرج علي الحكام
اخضع
لاوامر العلماء
ارفع
سيفك و اقتل اعدائي
اذبح
انحر
دول  كفار

فجر  دمر
دمهم حلال


سلم
بناتك  لي جواري
مراتك
تيجي  تحت اقدامي
اموالك
تصرف علي نزواتي

ادفع
ثمن الجنة  لاسعادي
غباءك
دم شرياني
خضوعك
سر طغياني

بقلم
لورانس  و وليم

Monday, December 19, 2011

كابوس


حلمت اني باشوف
تشكيل  الجلوس
علي العروش

قال ايه
الرئيس
خبير التزغيط
و تاجر  كبير
في محصول الجرجير
جناب الزعيم
عكاشة الكبير

ثائر  قدير
و معبود الجماهير
ومعتصم  شهير
في العباسية

قال ايه
رئيس الحكومة
ابو اسماعيل
هيمنع البكيني
و السائح الي يجيني
لابس  قصير
او بيشرب نبيت
هيروحه عالبيت
و المصري العربيد
هينضرب عال تيييييييييييييييييييييييت

هيفرض الحجاب
و يقعد البنات
و يقعد الستات
جوه البيوت
و يدفع النصاري
    الجزية  بالمرارة

قال ايه
عينوا الشحات
وزيرا للاثارات
 ينقل الاصنام
و معابد الاوثان
بعيد عن العمران

قال ايه
وزير السياحة
بكار  المكار
 كل سايحة بنقاب
و المخالف له عقاب

قال ايه ممنوع خمور
قال ايه العوم في البحور
بالمايوه المشروع
قال ايه الاختلاط ممنوع
و الي مش عاجبه يغور

ده حلم و لا كابوس
ولا مستقبل منحوس
لبلد حاكمها جاسوس
و مجلس من اللصوص
يقبض من الخليج فلوس


بقلم لورانس و وليم  

بيقولوا



بيقولوا البلطجية في الميدان
بيقولوا  بيحرقوا في شارع ريحان
بيقولوا  بيمارسوا الزنا في الخيام
غداهم كنتاكي
و عشاهم من  الحاتي
بيشربوا ويسكي
و فودكا و ساكي

و قال ايه الحشيش
و الدخان الازرق
طالع من الجوز و الشيش

اتاري الميدان
مليان دخان
و الرؤية مافيش
و صوت الخراطيش
مش رصاص
ده
كركرة  الكيف  

 بيقولوا  النيران   
و ازعاج الجيران
 علشان الثوار 
 عبدة للشيطان

بيقولوا العسكري
مضروب يا حرام
بياخد بالاقلام
عالخد اليمين
فيدي الشمال

بيقولوا  البنات
بتعري الحاجات
و ترمي  نفسها
تحت البيدات

بيقولوا  و يقولوا و يقولوا
و العسكري  واقف اليوم بطوله
و كل مايكروفون يطوله
 يزعق  ينادي
و يعرض  رسومه
محدش  يلومه
دليله  هدومه
سلاحه  هدومه 
و محدش  يلومه
و الا 

بالدبابه  يدوسه

يقولوا و يقولوا و و يقولوا
و يكدبوا  كل الي بيشوفوا

بقلم
لورانس  و و ليم  

Russian Xmas




Sunday, December 18, 2011

لو كان



لو كان الحبُ ذنباً 
فانا الشيطانُ اولُ العاصين 
لكن العبادةُ حباً 
و في الحبِ انا نبي القديسين
فالاله مثلي عاشق
و يتحمل خيانات الجاحدين 
و الجنة من دون الحب باردة 
كالحة
 يكاد ان يهجرها الساكنين 
فالشيطان سقط اذ فارق الحب قلبه 
فلعن الي ابد الآبدين 
فإن عشقت فالامر لقلبي غالبُُ 
 ولا يعاقب بالجرم الا الاحرار المخيرين
فالعشق نار ولا فرار
فالعشق قضاء لا اختيار
و قضي ربك العشق عذابا
و الحب عقابا
و الفراق  بئس المصير
فتلك جهنمكم
انتم و ما تعشقون
خالدين فيها
جحيم
لا لذنب
الا لكونكم عاشقين 
فالحب نار مقدسة
خبأها بروميثيوس في القلوب
لتعاقب  بدلا منه  بالكروب
بالموت  و الخلود
بالكبد  النامي  في احشاءك
بمنقار النسر  في امعائك
بالموت في انفاسك
بالحياة في  موميائك
فلا الموت  نمي
في عظامك    راحة
و لا الحياة  رقصت 
في  قلبك
و غنت
ما احلي الرجوع


بقلم 
لورانس و وليم

Saturday, December 17, 2011

رجل ام ذكر ؟؟!!؟؟



رجل  ام مجرد   ذكر  ؟؟؟

هل انت  رجل  ام مجرد  ذكر


هل لمجرد احتواء  تركيبتك الجينية علي الجسيم  بار

علي الكروموزوم  اكس  يجعل منك رجلا ؟؟؟

هل  لمجرد  ان  لك  اعضاء  خارجية  لا داخلية
و شعر  كثيف  كفرو الغوريلا  يجعل منك هذا رجلا ؟؟؟

كيف تعرف انك  رجل    او مجرد  ذكر

و هنا  استعمل  كلمة ذكر  بديل عن كلمة امريكية بذيئة و لكنها تعبر  عن نمط  من اللارجال  المحسوبين ذكورا
و هي  كلمة 
dick  

 و هي كلمة يمكن ترجمتها  الي  جلمف  او قحف    او فظ او قفل

الرجل  يحب   .......  الذكر  ينكح
الرجل  يحمي   .....  الذكر  يعتدي
الرجل  ينفق  ليسعد ....  الذكر  يستعبد  بماله
الرجل  يمارس  الحب  ....  الذكر  يمارس  الجنس
الرجل  يهتم بامرأة واحده  .......  الذكر  يطارد  كل ما ينتهي بتاء التأنيث
الرجل  يساعد  محبوبته علي ان تكون لها شخصية مستقلة  .......  الذكر  يسعي  لتدمير شخصيتها و تحويلها الي مجرد  خادمة له
الرجل  يهتم  بوضع  امرأته المهني و الاجتماعي  و الجمالي
.....
بينما الذكر  يضعها في كيس قمامة اسود  و يخفيها عن الاعين فيه
و لا يخرجها منه  الا فقط  ليستعملها كمبولة    ثم  يعيد تعبئة بقاياها في كيسها الاسود

الرجل  يسعي لتحريرها  و يسعد لاستقلالها  .......  الذكر  يكبلها بقيود اجتماعية  و دينية  لتصبح مجرد جارية  جنسية له  لتدفئ فراشه و مجرد  آلة تفريخ لاطفاله و خادمة لمنزله
الرجل  يسعد عندما تمارس  فتاته ما يسعدها من هوايات ..... الذكر  يعتبر كل هذا  " كلام فارغ  "  و يري ان الكلام المليان  هو  اطاعة اوامره
الرجل  يهتم  بفتاته  انسانيا  فهي روح و عقل و قلب  و نفس  .... بينما الذكر  لا يري  فيها الا جسد و عبدة
الرجل  في ممارسة الحب  يسعد  برؤية  السعادة علي وجهها  .....  بينما الذكر   يبصق  بصقته ثم  يعطيها ظهره  و يشخر  في سلام اجتماعي
الرجل  يبحث عن قلب و عقل   ..... الذكر  يبحث  عن  لحم  و جلد
الرجل  يسير الي جوار  امرأته فخورا  بها ممسكا بيدها  مستمتعا بكل  خطوة  يسيرها  بجوار  توأم روحه  و كل لحظة  يقضيها معها  ...  بينما الذكر  يسبقها بخطوات  لانه يخجل من السير الي جوار هذه العورة يستعجلها السير  دون ان يراعي  قصر خطواتها او ما تحمله من اعباء و اشياء و اطفال


و نتيجة اننا في زمن الذكور  
و في عصر  اللا  رجال

فهذا هو مجتمعنا  
المريض  المتخلف 



مجتمع القهر و الظلم  



مجتمع الاهانة و التحقير  و الضرب  و التعذيب 








مجتمع الضرب و الاهانة
و تعليق  السوط حيث يراه  اهل البيت


مجتمع  هواة جمع النساء  مثلما يوجد  هواة لجمع العملات او الطوابع او التحف  في بلاد اخري



مرتزقة طنطاوي
اعضاء  جيش الاحتلال الطنطاوي  يعتدون  جماعةً  علي  احدي المتظاهرات







مجتمع جلد النساء و تعذيبهن 






جماعات التخلفيين   تدعوا الي  حبس  النساء  في البيوت
من بيت ابيها الي بيت سيدها  الي قبرها   فقط  و تطالب بعودة عصر الغزوات و السبي و الاستعباد


 فهل  يا تري  نستطيع  التعلم من اجدادنا الفراعنه  اصحاب  ارقي حضارة 





بل حتي هل نستطيع التعلم من الحيوانات التي  ندعي انها غير عاقلة

Friday, December 16, 2011

I miss you

I miss you
I need you
I want to talk with you

ايها الرب الاله



 ايها الرب  الاله
كم من الجرائم ترتكب  باسمك
كم من الارواح  ازهقت باسمك
كم من الايدي  قطعت باسمك
كم من الارجل  قطعت باسمك
كم من الظهور  جلدت  باسمك
كم  من النساء  اغتصبن باسمك
كم من النساء   استعبدن جواري  باسمك
كم من الاطفال تم استغلالهم جنسيا باسمك
كم من النساء  تم تشويههن   باسمك
كم من النساء  تم استئصال اعضائهن باسمك

متي  نسمع تصريح  رسمي منك  انه لا يوجد متحدث  رسمي  باسمك
متي  ترفع  قضية   نصب  علي هؤلاء  مستغلي  اسمك
متي  تقوم   بنشر تكذيب رسمي  في الجرائد  لكل هؤلاء  المتحدثين باسمك



بقلم

لورانس  و وليم

Monday, December 12, 2011

سيدنا الشخشوخ


سيدنا الشخشوخ
سيدنا الشخشوخ
قاعد منفوخ
بيجعر فينا بصوت مشروخ
يا نطاطى البصلة ونختاره
يا هاندخل بعد الموت ناره
أصلها ملكه بانيها فى داره!!
بيدخل هذا فى كل نفوخ
سيدنا الشخشوخ
سيدنا الشخشوخ نازل بعبعة
فى الزهد لكن نسوانه أربعة
نازل طفح ونازل قربعة
وبيستلطخنا أصل احنا لطوخ!!!
بيقول سيبوا الدنيا الفانية
سيبوا نجاستها لناس تانية
ودا أكبر مسروع عالدنيا
نفسه يحصلها ولو بصاروخ
سيدنا الشخشوخ
سيدنا الشخشوخ بطنه شنيعة
فى الأكل ملوش أى شريعة
ياكل ويرن التكريعة
يرقعها فى مصر تسمّع طوخ
سيدنا الشخشوخ
سيدنا الشخشوخ بيروق ويطيب
من بعد الشاى مع جوزة الطيب
بالليل لعيب والصبح خطيب
من لعبه على الونجين ملبوخ
سيدنا الشخشوخ
مالنوم والراحة ومالقعدة
والحشر فى ديك أم المعدة
والتحسيس على هند وسعدة
مبيض اسم الله عليه وتختوخ
سيدنا الشخشوخ
سيدنا الشخشوخ مالى القنوات
بكلام يوجعنا عن الأموات
وإن جبنا له سيرة الستات
بيريل، وبيعرق، ويدوخ
سيدنا الشخشوخ
سيدنا الشخشوخ عالشاشة يزن
بكلامه عن الأحلام والجن
لكن يتلخبط جداً إن
سألوه فى الناسخ والمنسوخ
سيدنا الشخشوخ
والشخشوخ فى بداية الثورة
ماخرجش عشان عنده الدورة
نجحت راح قايم بمناورة
أستاذ طول عمره فى مسح الجوخ
سيدنا الشخشوخ
من دين ربنا بينفّرنا
ومكفرنا ومكفرنا
نفسه من الدنيا يسفّرنا
ويسف النىّ مع المطبوخ
سيدنا الشخشوخ
سايب مشاكلنا فى مية ناحية
وبيرغى عن التوب واللحية
بيجرجر عالم مش صاحية
ناس خايبة مفيش فى دماغها مخوخ
سيدنا الشخشوخ
سبنها فى الدقن وفى الحمام
خش على الكرسى وعالحكام
شافنا سكتنا كبرها أوام
والقصر أساساً ابن الكوخ
سيدنا الشخشوخ
والشخشوخ ابن الهباشة
خدام لبتوع الدشداشة
معذور لو تنح عالشاشة
من أكل الكبسة يا ناس مفشوخ
سيدنا الشخشوخ
بالإيد والفكر وبالنية
راح نبنى الدولة المدنية
ونشم نسيم الحرية
ونقول هأو شى الله يا شيوخ
ولا هانعبر سيدنا الشخشوخ

منقول  من كاتب  مجهول  

رحلة نوم


ادعي ذهابي لنومي  
فقط لكي  انهي  يومي

فاغطس  تحت طبقات  الاغطية  
و افتح  سدي  نهر دموعي  
و اخلع  ثوب  جسد همومي 
و البس  قبعة القرصان  
وملابس  قبطان  
و سيف من النيران  

و اسرج تنيني  الثائر   
و امتطيه  ليبحر بي 
ضد التيار  
صاعدا شلالات  


متخطيا  سدود  و عقبات 
حتي اصل الي   منابع العبرات 
و استحم تحت السحب الماطرات 
ألا طر  يا تنيني  و ارتفع  
طر  في عكس  الامطار  
اعل فوق السحب  
لا تبال  بسيف البرق
فنيران فيك اقوي
اعلي 
من كل العواصف  

فوق  السحاب  اجد   
القمرين الماطرين  
فاتتبع  تيارهم 
فاعاكس   شلالات احدهما 
و احط علي سطحه اللامع  
و اخترق صلابة ارضه الزجاجية  
و احفر  انفاق  طريقي  
الي  
مخي الهاجع  
فقد  جاء  ميعاد اليقظة اللعين  

بقلم 
لورانس  و وليم  

Saturday, December 10, 2011

في القطار




لكم اعشق  السفر  في القطار
و لكم  احب  الجلوس  علي مقعدي المفضل  خلف الباب بجوار النافذة
فرحا ذهبت  و حجزت  مقعدي المفضل  و اخترته  بجوار  النافذة  خلف الباب
مقعد  وثير هو
جميل كعرش  هو
مريح  كقبر
و دلفت  الي القطار  جذلا كطفل في الملاهي للمرة الاولي  
و جلست  
علي مقعدي المحبوب  

جلست اتأمل  المسافرين و منتظري العائدين و الباكين المودعين  و العشاق  متشابكي اليدين  
الي ان  اغلقت الابواب  و بدأ القطار بالتحرك  

و غرقت في متابعة سباق الاشجار  المارة  بجانب  نافذتي

و  تبا  
للشوق المحموم الي  قهوتي  
فقمت  الي عربة  الاكل  لاختطف  شيئا مما مما يباع هناك و كوبا  بلاستكيا  مسرطنا  و لكنه مملوء  بالقهوة


و عندما عدت




وجدت  مقعدي  المحبوب  مشغولا
بكائن فظ  كث الشارب  ملابسه الرسمية   ملوثه  بالعرق و الدماء
يستقر  علي فخذه الايمن  جراب  به  مسدس  قاتل  لا اشك انه  استعمله  لارسال الكثير من الابرياء  الي
جهنم  لمجرد  ان  ملامحهم لم ترق له

و الاكثر منهم هم من ارسلهم  الي  جهنم الداخلية المصرية الاكثر  بشاعة بما فيها من زبانية   ترق قلوب

الشياطين  لضحاياهم

-  من فضلك  مكاني
-  شرطه  يا حضرة

-  شرطة  ولا جيش  ده مكاني و بتاعي و انا دافع تمنه  حقي القانوني  يعني
 -هأأأو  قانون ايه  خلي القانون ينفعك

هنا تجمهر  الناس  حولي  بكلمات  قاسية من نوعية
انسي  خلاص
شوف لك كرسي تاني
ما هي الكراسي كتير 
القطر مليان  كراسي
المصنع الي عمل الكرسي ده عمل غيره

ابعدتهم  عني بغضب  و ازحت  عدة  ايدي  حاولت التسلل  الي جيبي  
طبعا  ادركت ان اغلبهم  علي علاقة  وثيقة  بهذا الشرطي  الفاسد
ثم  اخرجت  هاتفي في غضب  و اتصلت  ب

 *****

عفوا  لن اذكر اسمه  او منصبه لانه ذو شأن خطير  جداا

خلال  لحظات  بعد ان انهيت المكالمة
دلف  الي  العربة  ظابط  اعلي  رتبة  مكفهر الوجه غاضب رافض  لكنه مضطر لاطاعة الاوامر

- اعد اليه  عرشه  
هكذا  قال
و هكذا انتفض  الشرطي  الغاصب  

كثعبان تم انقاذ  عصفور  من فمه
و نظر لي  بغضب
و لكن  بصمت  

اخرجت علبة المناديل  من جيبي  و اخذت  انظف  ما تلوث  به المقعد من دماء و من عرق
و جلست  غير آبه  بما قد يحدث  لملابسي  

و همت في عالم  الخيال  اسافر  مع الطير  المصاحب  لي  في رحلة السفر  تلك  اتابع  تشكيل  اسرابه في السماء  حينا  
و اغطس  في  زرقة السماء حينا  بحثا  عن لآلئ  احلامي  في عشوائية السحاب

و تارة اخري  احلق  في  النيل  متخيلا  جدي  الفرعون  اخناتون  و هو  ينقل  شحنة بلاليص  قناوي  مليئة بالمش  علي  ظهر مركبه الملكية وسط عبيده و هم يغنون مع  فريد الاطرش  يا مسافر  يوم و ليله   وبجوارهم  رشدي  اباظه  يتشاجر  مع  عمر الشريف علي قلب  هند  رستم  


تبا  لقد  نمت

تبا  ايضا  
لقد ايقظني  احد السمجاء  

- تذاكر  يا حضرات
فاخرجت التذكرة  و هم  بقراءتها فاذا بطفل  عاري القدمين  يحمل  تلك الاشياء التي يلقونها علي المسافرين ثم يجمعونها ثانية  
اختطف التذكرة و هرب  بهاا  

-  ما تخافش  يا بيه  هاجيبها لك منه حالا  بس  اخلص  تذاكر  العربية دية  
قالها الكمسري  و ابتسامة داعرة  تتراقص  علي وجهه  


لن  اهين ذكاء  القارئ  بان اقول  ان التذكرة لم تعود

فقط

علمت  ان هناك  مزادا خفيا  قام به  هذا ال

الكمسري

علي التذكرة  


جاءني  شخص  يحمل  شيئا مما مما يشرب  و قال انه هدية  من الكمسري  لاني  شخص  رائع  جداا  

فشربت  هذا العصير

و بعد قليل شعرت بامتلاء مثانتي و قمت لافرغها  

و عندما عدت  




وجدت كومة  من الملابس 

فرس نهر
لو كانت  افراس النهر  ترتدي عمامة  معقدة التركيب و تضع  سجادة علي كتفها  مما يطلق عليه علي سبيل  المجاز تلفيحة  

   لو كانت افراس النهر  ترتدي  جلبابا   مفتوحا حتي  الصدر يظهر اسفله

  سيديري من النوع الذي يغلق  بمائة زر  
و قد رفع  طرف جلبابه حتي ركبته  فتدلي حبل    دكة  سرواله في اناقة    علي سبيل الاصالة و الاعتزاز  بالتراث   

جعل  حول فمه غابة  كثيفة من الشعر   بالطريقة التي يطلق عليها المصريون  "دوجلاس " و هو شئ
يحول الفم الي ما يشبه  فرج الانثي  

و حوله من المخلفات  ما  لا تستطيع دستة خنازير ان تسببه  

عدة اكياس  لاشياء  من التي  نمنع  الاطفال من اكلها  و قشور لب و سوداني  و بقايا قصب  و عدة اوراق  ملقاة في اهمال حوله

تبا  كيف استطاع  ان يأكل كل هذه الاشياء  في فترة غيابي البسيطة ؟؟؟



ثرت و استوقفت الكمسري  و طالبته باخلاء مكاني
- طيب ممكن اشوف تذكرتك

ففتحت  فمي  في غباء  فقد تذكرت  سرقة تذكرتي

و هنا  شاهدت  ضحكة  فاجرة علي فم الشرطي  اياه

و سمعته يقول شيئا ما عن ان
القانون لا يحمي المغفلين  

هنا حاولت الاتصال  بالمسؤل الرفيع  المنصب

فلم اجد اجابة  

فارسلت له  رسالة  عله يقرأها


فالقانون لا يحمي المغفلين  


فهل الإله  يحمي المغفلين

؟؟؟


بقلم لورانس و وليم 

Thursday, December 8, 2011

Winter by William Shakespeare


انا اتذكر ... د احمد خالد توفيق


هناك فتاة ترقص وقد سقط شعرها على وجهها (رسوم: فواز)
هناك فتاة ترقص وقد سقط شعرها على وجهها (رسوم: فواز)

صوت ألحان شتراوس العبقرية ينبعث من هذه السماعة العملاقة..
هناك فتاة ترقص وقد سقط شعرها على وجهها بالكامل، ومعنى هذا أنها لا تدرك ما يدور حولها ولا تبالي به.. إنها في غيبوبة كاملة. ومعنى هذا أنها قد اتحدت باللحن ذاته لتتحول إلى ظاهرة فيزيائية..

أقطع شريحة أخرى من اللحم، لكني لا أبتلعها.. في الواقع لا أتذكر ما يجب أن أفعله بها.. أعبث بالشوكة طويلاً وأرفع عيني لأجد ذات الفتاة ما زالت ترقص.. صارت أكبر من الواقع.. صارت ظاهرة كونية كما قلت..

يقول لي عادل والسيجارة تتدلى من فمه:
- "أنت شارد الذهن جدًا.. هناك في عينيك كتاب كامل من الذكريات لا تقل صفحاته عن ألفي صفحة.. كم حياة عشت؟"

بالفعل عشت أكثر من حياة.. ألف حياة.. 
ألتهم قطعة اللحم ومن جديد أنظر إلى المسرح حيث تلك الفتاة ترقص.. تهز شعرها.. لحن شتراوس.. هل هو "الدانوب الأزرق"؟ لا.. "نساء وندسور" على الأرجح.. لا.. "مارش رادتسكي"..
 

************

 
كان نفس اللحن يعزف في تلك الليلة..
في بيتنا كان اللحن يعزف من المذياع، وكان أبي غاضبًا لكن أمي لم تخفض صوت المذياع..
كنت أنا غارقًا في الحب.. كنت أتنفس بصعوبة تحت محيط من الحب عزلني عن العالم الخارجي، فلم أعد أرى أو أسمع أو أشم..

كان اسمها سديم.. سديم اسم من أجمل الأسماء التي سمعتها، ولم أسمعه بعد ذلك سوى مرة أو مرتين برغم أنني في الأربعين من عمري..
سديم.. الفتاة الشاحبة الرقيقة.. الفتاة التي كنت أقابلها في المقابر، وألعب معها ساعات متواصلة.. 
سديم ذات الأطراف الباردة.. سديم ذات العينين الشفافتين..

منذ البداية كنت أعرف أنها ميتة، وأن هذا لا يمكن أن يكون حقيقيًا.. ولو كان حقيقيًا فلا مستقبل له.. كنت ناضجًا وكنت أفهم كل شيء، لكن قلبي ظل أخرق غبيًا يأبى أن يستجيب لأوامري..

كنت عائدًا للبيت بعد مباراة كرة مع الأصدقاء، وكنت أختصر الطريق بأن أجتاز المقابر..
في ذلك اليوم كان البرد شديدًا والغيوم كثيفة جدًا.. لهذا توارى الجميع في بيوتهم يصطلون ويشربون العدس أو يأكلون محشوّ الكرنب ويتخيلون العاصفة بالخارج.. 

كنا نحن المجانين الذين قررنا أن نلعب الكرة في طقس غائم فعلاً، وسرعان ما عرفنا أنها فكرة فاشلة عندما بدأ المطر ينهمر.. وازداد الأمر سوءًا عندما شق السماء لسان برق.. أضاءت وجوهنا وأظلمت، وشعرنا بالقشعريرة قبل أن يقول مصطفى عامر:
- "لا جدوى.. ألغيت المباراة.."

ألغيت المباراة إذن وتفرقنا.. كل واحد ركض في اتجاه.. بينما أنا أركض وسط الوحل وأغطي وجهي.. كنت ألبس العوينات لأول أسبوع في حياتي، وبدا لي من المستحيل أن أركض وأنا ألبسها؛ لأنها تتغطى بالماء في ثوانٍ، لكني كذلك لم أستطع الركض من دونها..
كنت في مأزق.. خاصة أنني سأجتاز المقابر والله يعلم كم أن المشي فيها وعر وزلق..


************

المطر ينهمر خارج القاعة..
ليلة شبيهة بتلك الليلة منذ ثلاثين عامًا.. لكن لا توجد هنا مقابر.. هناك حديقة ورجال أمن وتماثيل ساحرة وإضاءة ليلية وحسناوات غنوجات ورائحة عطرية غريبة في الجو. يقال إن هناك طاووسًا في الحديقة لكن من المستحيل أن يتركوه وسط هذه الأمطار.. 

بيت جلال الشريف هو قصر في الحقيقة، ولا نطلق عليه لفظة بيت إلا بحكم العادة.. السؤال هو متى يجمع هؤلاء القوم كل هذا المال؟ ادخرت كل مليم حصلت عليه في حياتي، وبرغم هذا لا أقدر على شراء تمثال واحد من تماثيل الحديقة هذه.. هل معنى هذا أنني فشلت في حياتي أم إن جلال نجح أكثر من اللازم؟

هناك برق في السماء كذلك..
معدتي تتقلص.. البرق يجعلني عصبيًا جدًا ولا أعرف السبب.. ثم هذا الألم الغريب في فكي. أعرف هذا الألم الغريب في فكي..
 

************


في تلك الليلة كان فمي يؤلمني كذلك..
تعلمت منذ ذلك الحين أن البرق والعواصف يسببان لي ألمًا في الفك.. هناك من يشعرون بدنو العاصفة من ألم الركبة..

كنت أشعر بألم الفكّ وأنا أنزلق بين القبور مرارًا.. بدأت أشعر بالذعر وأنا أدرك أنني تورطت وضللت الطريق.. وحْلٌ وظلام.. كيف أعود للبيت إذن؟

ثم رأيتها هناك واقفة خلف قبر عال عن الأرض.. كانت تلبس ثوبًا طويلاً وتنظر لي.. العينان الواسعتان الشفافتان.. 

عرفت كذلك من اللحظة الأولى أنها ميتة.. هذا واضح ولا شك فيه، لكني لم أشعر برعب.. فقط شعرت بانجذاب هائل لها، ولم أتساءل عن كنهها ولا ما أتى بها هنا.. فقط أذكر أنها راحت تركض بين المقابر وأنا أركض خلفها عالمًا بشكل ما أنها طريقتي الوحيدة للخروج من هنا.. 

- "ما اسمك؟!"
صحت أناديها بصوت غمرته مياه المطر فقالت دون أن تنظر للخلف:
- "سديم!"
- "ماذا؟"
- "سديم!"

بدا لي الاسم غريبًا.. لكني عرفت أنني وقعت في حبها وحب اسمها..

فيما بعد قيل إن اسم هذا المرض "نكروفيليا".. ليس هذا دقيقًا.. النكروفيل ينبش المقابر ليخرج جثة يعاشرها.. هذا يثير القشعريرة في نفسي.. ليس هذا هو الوضع هنا وأظنك توافقني..

سديم.. سديم.. سديم..
الحب الأول وربما الأخير.. الرجفة الأولى وخفقان القلب الأول..
وكانت متاعبي في البداية كما تعلم..  
 


كان الشعر يغطي عينيها فلا تراهما أبدًا (رسوم: فواز)
كان الشعر يغطي عينيها فلا تراهما أبدًا (رسوم: فواز)

جاءت لتجلس معي على المائدة، وبيد واثقة بلا رجفة صبّت لنفسها بعض الماء في كأس، وقالت لي وهي تبلل شفتيها:
- "ماء فقط؟ لا تشرب؟"

قلت لها وأنا أرمق المدعوّين:
- "لا أشرب.."
- "والسبب؟ متديّن؟"
- "الدين طريقة حياة.. ينشأ المرء في بيت يتعلّم معه أن يغسل يديه قبل الأكل وبعده، ولا يأكل السمك من دون سلطة، ولا يشرب الخمر أبدًا..! أي أن هذا السلوك الديني يتحول للطريقة السلوكية الوحيدة التي يعرفها.. هي طريقة حياة كما قلت"

ضحكت كثيرًا حتى غلبها السعال، ثم قالت:
- "هل قابلت جلال الشريف؟"
- "لا.."
- "هل أنت من أصدقائه؟"
- "لا.. صديقي عادل من أصدقائه، وقد دعاني هنا كما يدعو الناس بعضهم للسيرك."

قالت بطريقة عابرة:
- "اسمي شيرين.."
- "أعرف هذا.."
- "جلال قريبي.."
- "أعرف هذا.."

كان الشعر يغطي عينيها فلا تراهما أبدًا.. فقط تدرك أنهما هناك خلف الستار وأنهما تنظران لك..
 

**************


عينا سديم كانتا كذلك..
غالبًا ما تكونان خلف الشعر فإذا انزاح الستار أدركت أنهما شفافتان تمامًا.. كانت خجولاً جدًا خاصة عندما يحدث شيء كريه مثل أن ينفصل إصبع من يدها أو يسقط جزء من الجلد. كانت تداري هذا في خجل رغم أنني أخبرتها مرارًا بأنني لا أبالي..

كانت تقول لي:
- "سوف أنتهي يومًا.. أنت تعرف هذا..".
- "لا أرى هذا اليوم.."
- "التحلل حتمي.."
- "لكنه بطيء.. سوف ألحق بك في القبر قبل أن يسقط لك ظفر آخر.."

وكانت تضحك ثم تدعوني للعب.. تركض بين شواهد القبور وأنا أركض خلفها..
لقد صارت سديم ضرورية جدًا لعالمي. صرت أتأخر عن البيت كثيرًا وصرت أشرد بلا توقّف.. عندما آكل أعبث بالشوكة في طعامي ولا ألتهم شيئًا. أمي قالت لأبي وأبي أخبر عمي، وفي النهاية قال الجميع بخبث:
- "الحب! تالله هو الحب!"

أبي كان سعيدًا لأنني نضجت وكبرت ولأن هرموناتي بدأت تعمل، لكنه نصحني بألا أضيع وقتًا كثيرًا.. الحب قد يبني حياتك وقد يدمّرها..

لم أكن أنوي إخفاء أي شيء.. قلت له إنها سديم.. قلت إنني أقابلها في المقابر.. قلت إنها تتحلل وجلدها يسقط.. ذات مرة وضعت يدي على ظهرها فشعرت بالرئة تحت أناملي من تحت الثوب. أصابها خجل شديد وطلبت مني ألا أفعل هذا ثانية..

قال أبي في ضيق إنني أخرف..
على أنني عدت له في اليوم التالي ومعي البيانات.. الاسم سديم فتحي الجوهري.. توفيت منذ عام ونصف.. تتحدث كثيرًا عن الغرق. لا أعرف التفاصيل...

سخر أبي مني كثيرًا.. على أن زياراتي للمقابر استمرت فترة طويلة، وفي النهاية قرر أن يبحث في المقبرة عن هذا الاسم الذي سمعه. دفع مالاً للّحّاد الذي جعله يرى القبر.




قال لي أبي إن فريق البيتلز البريطاني وجد مقبرة قديمة عليها اسم "إليانور رجبي"، فخطر لهم كيف كانت هذه المرأة تعيش حياتها. كتبوا عنها أغنية شهيرة جدًا، وما زال قوم كثيرون يعتقدون أنها ما زالت حية، ومن صدّقوا أنها ماتت ما زالوا يزورون قبرها..

- "الموتى قد يكونون أكثر حيوية من الأحياء.. وأنت قد منحت سديم هذه حياة خاصة بها.."

على أن اللحّاد أخبره بأن الفتاة ماتت غرقًا. كانوا أثرياء وكان هناك حمام سباحة في البيت.. القصة الشهيرة عن الأهل الذين يهملون الطفل فيقع في حمام السباحة ليلاً ويموت..
هذا أثار قلق أبي.. من أين عرفت أن الفتاة ماتت غرقًا؟؟

الطبيب حدثني عن الوساوس وحدثني عن الشخصية الأخرى الموجودة في ذهن كل طفل، والتي يتبادل معها الكلام. لكني كنت غارقًا في الحب ولم أشأ أن أفقدها..

كانت تلك هي الأعوام التي ظهرت فيها أغنية إيزاك هايز "لو كان حبك خطأ فلا أريد أن أكون على صواب"، وكانت تناسب الوجيعة بالضبط..
 

**************


والأغنية تتردد الآن..
هذه الليلة فريدة من نوعها.. برغم الفتيات الجميلات والصخب والزحام، ثمة رائحة ما أعرفها.. سوف يحدث شيء مهم..

الأغنية تتردد:
لو لم أرك عندما أريد.. فلسوف أراك عندما أستطيع..
لو كان حبك خطأ فلا أريد أن أكون على صواب
أنا مخطئ لأنني جائع لرقة لمساتك
بينما هناك من ينتظرني في الدار..
 
ما الذي ذكّرهم بهذه الأغنية؟
الفكرة هنا هي أن موقفي الأخلاقي لم يكن بهذه الدرجة من السوء..أنا لا أخون زوجة.. لكني كنت أخترق الحاجز الفاصل بين الموت والحياة..
عرفت من يحب فتاة ليست من دينه وكان هذا حاجزًا مهمًا..
هنا نجد حالة فريدة أن يحب المرء فتاة ليست من حالته البيولوجية!
سديم يا جميلتي.. سديم..

وشيرين تنظر لي ثم تدسّ ملعقة من السلطة بين شفتيها وتقول:
- "أقسم بالله إنك تحب.. هذه نظرات عاشق.."
غرست الشوكة في السلطة وتذوّقتها.. مالحة جدًا.. مالحة جدًا..

**************


شيء آخر كان مالحًا بذات الدرجة.
ربما دموعي وأنا أشرح لأبي أنه ليس بوسعي الاستغناء عن سديم. لن أحكي موضوع الإصبع المتآكل الذي وجدته أمي في جيبي طبعًا.. لم تكن قد سمعت عن النكروفيليا لذا كان الجنون هو الافتراض الوحيد لديها.. أنا جُنِنت بلا شك..

تم الفراق في يناير من ذلك العام عندما قرر أبي أن ننتقل لبلدة أخرى. وقد راق له هذا؛ لأنه سيحل مشكلتي بشكل غير متعمد.
هكذا ابتعدت عن هذه المقبرة ولم أر فتاتي بعد هذا طويلاً، لكنني ظللت أحمل لها ذكرى لا يمكن نسيانها..

وبعد أعوام صرت ناضجًا، وصممت على أن أعود إلى المقبرة لأبحث عنها. هذه الذكرى القوية المؤثرة. هل هي هلاوس طفولة فعلاً؟ يجب أن أعرف..
آه.. أرجو أن تمنحوني لحظة لابتلاع قرص من المهدئ لأنسى..



جلال الشريف حرص على أن يبدو وغدًا ثريًا(رسوم: فواز)
جلال الشريف حرص على أن يبدو وغدًا ثريًا(رسوم: فواز)

عندما ظهر جلال الشريف نفسه حرص على أن يبدو وغدًا ثريًا بكل ما في الكلمة من معانٍ.. كان يلبس بزّة بدت لي رثة مزرية، وهذا هو الدرس الذي تعلّمته منذ زمن: كل بزّة تبدو لي رثة مزرية هي في الحقيقة فاخرة جدًا ولا أقدر على شراء زر من أزرارها.. لعل هذه هي أحدث موضة باريسية لهذا الأسبوع..

كان يحمل كأسًا في يده اليمنى وقد دس يده اليسرى في جيب السروال. بالتالي صار من المستحيل أن أصافحه. دنا مني والتمعت عيناه فظهرت أسنانه النضيدة البيضاء.. يمكن أن يصنع ثروة لو عمل كموديل لمعاجين الأسنان..

- "محمود بدران.. الكاتب الصحفي الجريء".

بدا لي من الغريب أن يعرفني، وهذا يزيد الأمور حرجًا.. أنا جئت كمتفرج من بعيد، وآمل ألا يلاحظ أحد وجودي هنا..

لو كان هذا الرجل يقرأ فهو يعرف ما كتبته عنه.. الحق أنني بذلت ما بوسعي كي أهدمه هدمًا، ونشرت عشرات الوثائق التي تدينه.. وثائق حقيقية يفضّل أصحابها أن يبقوا في الظل.. وبعد أشهر من النشر المتواصل توصّلت إلى أن هؤلاء القوم من أمثال جلال لا يسقطون أبدًا.. إذا أردت أن تتخلص من أحدهم فاذهب واقتنِ مسدسًا لكن لا تكتب مقالاً.. هذه الأشياء تسعدهم لو أنهم قرؤوها أصلاً..

هززت رأسي باسمًا مجاملاً، فقال:
- "عادل أخبرني أنك  هنا.. صدّقني.. أنا أحب الصحافة جدًا.. إنها مرآة المجتمع الحقيقية".

من جديد هززت رأسي.. فقال لشيرين:
- "أرجو أن تخبري هذا السيد أن ما يكتبه لن يمر في سلام للأبد.. هناك لحظة أكيدة يفقد فيها المرء أعصابه".

راق لي التحدي.. أحب الأشخاص الذين يخطئون؛ لأنهم يمنحونك فرصة لعمل شيء.. بينما أسلوبه السابق لا يمكن التعامل معه..

قلت وأنا أنظر في عينيه:
- "أتمنى أن أعرف ما يعنيه هذا الكلام؟"

ابتلع ما بكأسه بسرعة، وقال وهو يهزّ خديه كأنما الشراب حريف المذاق جدًا:
- "الحياة لعبة.. لعبة يجب أن تلعبها ببراعة، وعلى من لا يجيدون اللعب أن يبقوا في بيوتهم.."

وقبل أن أفهم هز رأسه من جديد محييًا وابتعد.. وعلى الفور تكوّنت حوله دوامة من المريدين والمعجبين والسكرتارية والحراس.. إلخ.
كانت له رائحة عطر غريبة فعلاً.. رائحة رحلت معه عندما ابتعد.. رائحة من تلك التي تشعر أنها رائحة شخصيته ذاته.. 
كانت رائحة الهواء قريبة من هذا في ذلك اليوم..


*************


هكذا كنت أتشمم الهواء وأنا أتجه نحو القبر الذي أذكره..
كنت في الكلية في ذلك الوقت.. شابًا مفعمًا بالأحلام أقرب إلى الوسامة، وكنت أعتقد أنني سأغير تاريخ الصحافة في مصر.. هيكل لا بأس به لكنه يستمد قوته من عبد الناصر، ومصطفى أمين أسهل مما يجب... إلخ. غرور الشباب في صورته الكاملة.

الشمس سوف تنحدر للغرب بعد قليل.. لكنني تعلمت منذ طفولتي أن أشعر بالألفة مع المقابر ولا أهابها.  هكذا رحت أبحث.. أخيرًا وجدت ذلك القبر الذي تناثرت جواره نباتات الصبار.. مقابر أسرة الجواهرجي.. المرحومة سديم فتحي.. توفيت يوم...........
جلست جوار القبر.. 
كم جئت هنا في طفولتي وكم لعبت.. ترى هل حقًا كنت أهذي؟ هل كنت طفلاً وحيدًا خلق خياله رفيق لعب كما يحدث كثيرًا جدًا؟




لكني فعلاً أحبها.. أشتاق إليها.. عزيزتي سديم.. أنا أحبك أكثر من أي شيء، ولسوف تكون قسوة غير عادية أن أعرف أنك وهم، لكن مع الأسف..

هكذا غلبني البكاء.. جلست على صخرة ورحت أنشج.. أنشج من دون توقف.. وكلما أفقت قليلاً فطنت لحقيقة أنني أبكي.. من ثم أبكي أكثر.. بعبارة أخرى أنا أبكي؛ لأنني أرثي لنفسي لأنني أبكي!

الشمس تنحدر للأفق.. المعجزة التي تحوّل كل الألوان التي عرفتها إلى اللون الأرجواني. المعجزة التي تحوّل كل شيء إلى كآبة..
هنا شعرت باليد على كتفي..
قاسية جافة عظمية.. كانت هناك..

استدرت للخلف لولا أن سمعت الصوت الحازم الذي أعرفه جيدًا:
- "لا تنظر!"

قلت وأنا أرتجف انفعالاً:
- "سديم.. حبيبة قلبي.."

في لهجة عملية قالت:
- "قلت لك ألا تنظر.."
- "لماذا؟"
- "لأنك لن تحب ما تراه.. لقد مرّ زمن طويل.."

قلت وأنا أبتلع دموعي:
- "إذن أنت حقيقية.. لم تكوني وهمًا من أوهام الصبا.."
- "الوهم شيء نسبي. وما يبدو للبعض وهمًا قد يكون الحقيقة عند آخرين.. لو أن أحدًا رآنا لحسب أنك تكلّم نفسك.. لكنك تدرك أنني موجودة.. تشمّ رائحتي.. يؤلمك كتفك من أناملي العظمية. إذن أنا بالنسبة لك الحقيقة ذاتها".
- "هل يمكن أن أستدير؟"
- "لا.. لأنك تفقدني للأبد إن فعلت"

وهكذا جلسنا ربع ساعة في هذا الوقت.. أنا أنظر أمامي أو ليدي وهي من خلفي تحدّثني.. تحدّثني عن ماذا؟ لا أذكر بالضبط لكنني كنت سعيدًا منتشيًا.. سديم لم تكن وهمًا على الأقل بالنسبة لي..

ثم ظهر ذلك الكلب..
الكلب المسعور الشرس منتفش الشعر حول العنق، الذي يسيل اللعاب من شدقيه.. ولم يكن ينبح، والنصيحة القديمة تخبرك أن الكلاب التي لا تنبح تعض..

كلب من كلاب المقابر يزحف في الظلمة الوليدة نحوي ويزوم..
هكذا انتفضت.. وثبت من حيث جلست برد فعل تلقائي، واستدرت لأكلم الفتاة الواقفة خلفي. هنا رأيت كل شيء وليتني ما فعلت..
 
من الخير للجميع أن تكون سديم وهمًا..


*************


كلب آخر نبح في مكان ما فأجفلت..
كنت جالسًا مع شيرين في ركن شبه مظلم من الحفل، وبرغم أنني لم أشرب إلا عصيرًا فإن رأسي كان ثقيلاً بصورة لا توصف.. كنت أراها بصعوبة وأسمعها بعسر.. ولو لم ينبح هذا الكلب لربما سقط رأسي على المنضدة..

كانت الإضاءة خافتة مدوّخة، ومن بعيد تلك المصابيح المعلقة فوق أعمدة أو تماثيل..

هنا خطر لي خاطر مضحك لكنه وارد جدًا:
- "هل دسّ لي هؤلاء القوم شيئًا فيما أشربه؟"

هل ينوي الرجل الخلاص مني؟ لا أعتقد.. إنها مجرد مقالات لم تؤذِه ولم تسبب له أذى.. إلا إذا كان يملك نفسية طفل لا يطيق اعتراضًا واحدًا. أستبعد هذا فهو بارد ثابت الجنان..

ثم إن التخلص مني سوف يجلب له متاعب لا حصر لها.. هناك من يعرفون أنني هنا..

ماذا يدور هنا؟
أين ذهب عادل؟ هو جاء بي هنا فمتى وكيف رحل؟
الحقيقة أخطر من هذا.. لا أرى أحدًا من مدعوّي الحفل من حولي.. لقد رحل الجميع أو ابتعدوا. كيف حدث هذا ومتى وكيف لم أشعر به؟؟



مددت يدي لشيرين وقلت: ساعديني ي ي ي.. (رسوم: فواز)
مددت يدي لشيرين وقلت: ساعديني ي ي ي.. (رسوم: فواز)

الأغنية تتردد:
لو لم أرك عندما أريد.. فلسوف أراك عندما أستطيع..
لو كان حبك خطأ فلا أريد أن أكون على صواب
 
مَن الغبي الذي ترك جهاز التسجيل يعمل، بينما لم يعد هناك أي شخص في الحفل؟ لم يعد هناك سواي..


*************


أشعر ببرد.. برد شديد.. أنهض مترنحًا فأشعر أن الأرض تذوب تحت قدمي.. هناك الكثير من رغوة الصابون في كل مكان.. قدمي تنفتح كلما حاولت أن أقيمها...

مددت يدي لشيرين وقلت بصوت كأنه من قاع بئر:
- "ساعديني ي ي ي.."

نهضت وابتعدت بضع خطوات للخلف لتكون نائية عني وقالت:
- "اسمع.. بالفعل أنت تحت تأثير مخدر.. أنا دسسته لك في العصير."
- "والسبب؟"

ثم فطنت إلى أنه سؤال أبله.. أنا أكره الأسئلة الغبية.. لماذا يدس لي عدوي اللدود مخدرًا في شرابي ويتخلص من كل ضيوف الحفل؟ فلتجب أنت.. لا شك أن ضيوف الحفل قد تلقوا أوامر صارمة بالرحيل أو نقلوهم لمرحلة أخرى من المرح، بينما بقيت أنا... 
أين الهاتف المحمول؟ جربته من قبل فوجدت أن الشبكة لا تعمل هنا.. ولا شك أنهم يعرفون هذا... 

قالت شيرين:
- "أنا أكره أن أراك تموت، لكن جلال الشريف قد أعد لك نهاية دامية.. لا أستطيع أن أساعدك فأنا أعمل عنده... هو يسمع كل ما أقوله لك الآن.. في الواقع هناك كاميرا تنقل له المشهد كاملاً.. هو قال لك إن الحياة لعبة وكان يعني ما يقول".

الحياة لعبة.. وطبعًا يسهل أن تقول هذا لو كنت أنت الطرف الرابح.. لو كنت آمنًا تراقب ما يحدث وفي يدك كأس من الشراب..
 
- "هل سيطلق النار على رأسي ويدفنني في الحديقة؟"
- "لا.. لديه أفكار أفضل.. إنه يريد أن يراك مذعورًا تجاهد من أجل حياتك.. لو استطعت النجاة حتى الفجر فأنت حر، وإن كان يعرف أنك لن تبلغ عما حدث لك، وإن لم تستطع فهذا حظك السيئ.."

كان عقلي ملبّدًا بالغيوم.. أمرّر كل ما يقال ثلاث مرات أو أربع حتى أفهمه، كأنها تلك الأشرطة المشفّرة على السلع التي يمررونها على جهاز قراءة السعر.. أحيانًا يفعلون ذلك ثلاث مرات..

كانت تقول:
- "سوف أختفي أنا.. بعدها سوف يبدأ حفل الصيد.."
- "صيد؟"
- "صيدك طبعًا!"

*************

كنت أجري مذعورًا في المقبرة شاعرًا بالذعر.. عارفًا أنني تجاوزت الخطوط الفاصلة بين العالمين، وإنني سأدفع الثمن من كوابيسي ما بقي لي من عمر.. ألمٌ في كتفي حيث كانت تطبق يدها.. 
لقد تغيّرت سديم.. تغيّرت كثيرًا...

كنت أسمع صوتها يتردد في ذهني:
- "أنا أحببتك.. ولم أحسب أنني سأفقدك بهذه البساطة.. محمود.. محمود".

كنت أردد: من الخير لسديم أن تكون وهمًا.. من الخير أن تكون وهمًا...
كنت ألهث وأبكي والدمع يجعل الرؤية مستحيلة.. أتعثر في الحجارة.. في شواهد القبور.. منذ متى يضعون 60 شاهدًا على كل قبر؟ ما كل هذا العدد؟
كنت خائفًا.. 
ثم توقفت.. 

شعرت بالخجل من نفسي.. أنا لست طفلاً.. لن أتخلى عنها لمجرد هذا التغير البيولوجي في ملامحها.  لقد أحببتها وأنا طفل، ولم تكن مثالاً للفتنة وقتها..
منذ صباي كنت أعشق سديم.. ماذا قد تغير؟ أنا أتصرف كمن تصاب حبيبته بحرق في وجهها فيتخلى عنها بكل قسوة...



هكذا توقفت وفكرت في أن أرجع. لكني شعرت بشيء غريب أمامي..
كان هناك.. لا أعرف ما هو بالضبط لكنه كان يسدّ طريقي.. تبينت أطراف العباءة الرمادية الممزقة المليئة بالبقع.. الوجه الذي لا أريد أن أراه.. القامة العملاقة التي تتجاوز ثلاثة أمتار.. صوت التنفس العالي الشبيه بالخوار.. 

سمعت عنه كثيرًا لكني لم أره من قبل. الآن وهو يسدّ الطريق أمامي أدركت أنني في مأزق حقيقي.. كان هو الرهبة لو صار لها وجه وصوت.. 
تراجعت للخلف في رعب.. 

وفجأة سمعت صوت سديم يقول لي في حزم:
- "قف خلفي!"

تراجعت للخلف ووقفت أرتجف وأنا أرقب صراع الإرادات في الظلام وفي ضوء القمر بين الاثنين.. الكلاب تنبح من بعيد.. النجوم تهوي في السماء، وهي تتقدمني وأنا أمشي خلفها.. تمر جوار الشيء وكأنها تقول له إنني في حمايتها.. 
كنت أرتجف كطفل بينما هي تحميني.. وبرغم هذا كله لم أنظر لها قط.. خشيت أن ألقي نظرة ثانية..

لو كانت سديم وهمًا فخوفي حقيقي..

*************

كنت خائفًا بذات الدرجة وأنا أركض..
برد.. برد.. برد.... بررر بررر..
أين ذهبت شيرين؟ لا أعرف.. كأن الأرض ابتلعتها..

لا يجسر جلال على قتلي.. لماذا يفعل ذلك أصلاً وأنا مجرد كاتب؟ لكنني سمعت عن نزوات هؤلاء القوم.. قد يفجّر أحدهم رأسك؛ لأنك انتقدت ربطة عنقه.. بالنسبة لهم نحن صراصير.. 
كنت أجري بلا هدف.. لا أعرف مما أهرب.. ما هو الخطر؟

أنا في حديقة قصر شاسعة.. ظلام.. مصابيح في كل مكان.. تماثيل.. أعتقد أن هناك كاميرات في كل مكان.. هناك الكثير من الحراس طبعًا لكنه لا يريد أن يفسد متعته بسرعة..

الغريب أنني لا أعرف أين أجد سقفًا.. الحديقة مترامية لكن لا بد من بناية أو شيء هنا أو هناك.. شيء أتوجه له.. 

لو كان تفكيري صافيًا لوجدت حلاً بسرعة، لكني تحت تأثير مخدر كما قلت، وهذا ضاعف تأثير أنني أحلم..
لماذا اهتممت بجلال لهذا الحد؟ حقًّا لا أعرف السبب.. ربما كان الحقد الطبقي وربما هو الشرف المفرط.. المهم أن هذا الرجل كان يمثل كل ما أمقته في العالم.. وقد فعلت كل ما أستطيع كي أدمره.. 
الآن أنا تحت رحمته تمامًا.. 

توقفت تحت مصباح في الحديقة وقلت لنفسي:
- "يجب أن تفيق.. مشكلتك هي أنك لا تصدّق أنه يمكن أن يقتلك.. يجب أن تصدّق هذا يا صاحبي.. إنه يملك النفوذ والمال.. يمكن أن يدفنك في الحديقة ويأتي بعشرات الشهود يقسمون إنه كان معهم ساعة الوفاة، وجيش من المحامين يجعلون أسرتك تدفع ثمن الشك في رجل أعمال شريف مثل جلال.. يجب أن تتماسك.. يجب أن تؤمن بأنك في خطر داهم".



وثب كلب باتجاهي فتراجعت (رسوم: فواز)
وثب كلب باتجاهي فتراجعت (رسوم: فواز)

برد .. برد .. برد.
من القسوة أن يموت المرء بينما البرد يلتهم أطرافه.. كنت آمل في ميتة مشمسة دافئة نوعًا...
نباح الكلاب من بعيد وأنا أركض مذعورًا..

************

الكلاب لم تكن تنبح في تلك الليلة منذ أعوام، بل كانت تزوم.. وكانت سديم تتقدم المشهد.. الأسمال التي تلتف بها تتطاير في ضوء القمر الشاحب.. كانت تتقدمني بخطوات بطيئة. برغم كل شيء كانت فيها لمسة من فتاة صغيرة لعوب.. كأنها صورة ساحرة تم تشويهها وحرقها.. 

الكلاب كانت تحيط بنا في دوائر وهي تنبح.. ثم تتراجع للخلف دون أن تبعد عيونها وتنفتح الدائرة... سديم تصدر صوت هسيس غريبًا.. أعرف هذا لأنها تتقدمني لكن لا أنظر لها أبدًا.. أكتفي بالنظر إلى قدمي؛ لأني لو رفعت عيني لرأيت..

وكنت أعرف أن الكلاب تراها جيدًا.. أنا أراها جيدًا.. الناس لا يرونها على الأرجح... 

كانت تحكي لي عن أشياء....
عن الطفلة الساحرة سديم التي تلهو في حديقة الأسرة ليلاً.. عن الأب طيب القلب الذي يجلب لها لعبة قطار ودمية تتكلم.. ماما.. بابا.. عن الأم الرقيقة التي تتظاهر بالحزم أحيانًا... عن الأخ الأصغر المزعج... عن الحياة الكاملة التي فرّت من أناملها..

- "أنا أحبك يا محمود".

ولأنها تحبني تحميني من كل كلاب المقابر ذات الشعر المنتصب حول العنق.. تحميني من الزئير الغاضب الخفيض..

في ليلة أخرى كانت هناك يد قوية امتدت لتحيط عنقي من الخلف، وشعرت بالمعدن البارد تحت ذقني وسمعت صوتًا لاهثًا في أذني:
- "نقودك بسرعة.."
سمعت صوت فحيح غريب أتى من مكان ما..

مددت يدي الراجفة في موضع الحافظة من سترتي، وحاولت أن أخرج الحافظة لولا أن تخلت عني تلك القبضة.. ولما نظرت رأيت هذا الوغد مكومًا على الأرض.. 

رأيت الخيال المميز لسديم في الظلام.. لا أعرف إن كان رآها أم لا لكنه بالتأكيد سمعها.. فهي صاحبة الفحيح... وكانت تقول:
- "معذرة.. هذه من حيلنا المعروفة!

************

أخيرًا رأيت ثلاثة كلاب تركض نحوي في حديقة القصر الشاسعة.. كلاب جلال الشريف السوداء من طراز (روتوايلر) التي تبدو كالبلطجية الخارجين من السجن.. كتلة عضلات حية تركض نحوي.. لا بد أن جلال هذا مجنون.. لن يستطيع أي حارس أن يسيطر عليها في الوقت المناسب.. هذه عملية إعدام وليست تخويفًا.. رفعت يدي محتجّا كما كنا نفعل ونحن أطفال.. كأنني أقول: مش لاعب يا كابتن .. دي مش طريقة.. 

لا بد من شجرة في مكان ما.. لكن لم أجد شجرة.. وجدت ثلاثة مقاعد تحت عمود إضاءة، فأمسكت بأحدها ورفعته.. إن القوة العضلية لهذه الوحوش تكفي لإطارة المقعد من يدي فورًا.. 
يجب أن أتماسك.. 
كلب رابع آت من بعيد.. 
وثب كلب باتجاهي فتراجعت لأجد أن الآخر ينهي وثبة طاشت.. 
سقطت على الأرض وسقط المقعد من يدي، ولا أعرف كيف وجدت الإلهام... 
الهسيس..
الهسيس الذي أطلقته سديم في تلك الليلة وجعل الكلاب تتراجع... إنني قادر على أن أفتعله بحنجرتي..
وعندما نهضت على قدمي فوجئت بأن الكلاب تتراجع.. لا تبعد عيونها عني لكنها تقف صفًا وتتراجع للخلف... هذه حيلة تعمل.. 

لم أنظر للخلف ورحت أركض.. لكني كنت أعرف أنها لا تقتفي أثري.. أصوات أقدامها ثقيلة جدًا ولا يمكن ألا تسمعها فوق العشب الرطب..
توقفت ونزعت سترتي.. ألقيت بها بعيدًا وكذا فعلت مع ربطة عنقي.. 
الحذاء.. سوف أتخلص منه.. الجورب.. 
إن هناك أشياء كثيرة تحمل رائحتي في عدة مواضع.. وإن كنت فعلت هذا بسبب الحر وليس التضليل.. البرد الذي كان يقتلني تحول إلى حر يقتلني كذلك...
- "توقّف!"

ورأيت من بعيد حارسين يركضان نحوي.. عرفت الرأس الصلعاء والأناقة المفرطة في الظلام... لم يكونا مسلحين.. لماذا يحمل شخص بهذا الحجم سلاحًا؟ رحت أركض وأنا أعرف أنهما يركضان خلفي، وكنت سريع الحركة لذا عرفت أنني سأتعبهما قليلاً.. من بعيد أرى حمام السباحة العملاق يسبح في الأضواء وتطفو فوق مياهه البالونات الملونة من بقايا الحفل...
- "الفحيح يا محمود .. جرّب الفحيح!!"
أي فحيح؟ ثم تذكرت.. اللص يلفّ ذراعه حول عنقي وسديم تطلق ذلك الصوت الغريب.. معذرة.. هذه من حيلنا المعروفة!
أطلقت الفحيح.. وللحظة تصلّب الرجلان وهما يراقبان ما أفعل... لا يفهمان سر هذا الخبال الذي أصابني فجأة... ثم بلغت التردد الصحيح والنغمة الصحيحة.. عندها رأيت أن أرجلهما تتخاذل.. 
يسقطان.. لكنهما ينهضان ثانية وقد أمسك كل منهما برأسه..
ليست حيلة ناجحة جدًا...

ومن بعيد أرى المزيد من الرجال قادمين.. معهم كلاب.. وقفت حيث أنا وقد أدركت أن المزاح انتهى على الأرجح. وسط الرجال كان أحدهم يتقدم في ثبات وهو يضع يديه في جيبيه.. مثالاً للسيطرة وقوة الشخصية..
كان هو جلال ذاته..
كانت عيناه تلمعان..

************


هكذا كانت عيناه تلمعان بعد انتهاء الحفل..

سديم الصغيرة الجميلة تركض في حديقة دارها.. الكل بالداخل يمرحون، وعمو جلال الشاب يمشي وسط الأشجار.. هناك تعريفات كثيرة للنجاح لكن من بينها أن يكون عندك قصر مثل هذا.. ستعرف أنك قد بلغت القمة.. ستعرف أنك لا تملك أرزاق الناس لكن تملك حياتهم كذلك...
هنا يرى الغزال الرقيق الطفل يجري.. وحده.. 
ينظر لها بعض الوقت ثم يناديها.. سديم..
- "عمو جلال.."

ثم رأت عينيه...
كانت عيناه تلمعان بذات البريق..
سديم تصرخ وتركض في الحديقة خائفة.. سديم تنادي أباها.. جلال يحاول اللحاق بها.. يا لك من حمقاء.. سوف يجذب صراخك الجميع...

في النهاية تمكّن منها.. وضع يده على فمها.. نظر حوله.. لن تخرس أبدًا.. لن تخرس.. لماذا يا سديم؟ ترين أنني ضحية.. حتى عندما ألقيت بك في حمام السباحة البارد ورحت أضغط رأسك تحت مستوى الماء كنت أنا ضحية.. أنت جعلتني أفعل ذلك..

لقد صرت جثة طافية يا سديم.. أنا آسف.. الغلطة غلطتك...
البقاء لله يا فتحي بيه.. كلنا سنلقى النهاية ذاتها... لو أردت أي شيء اتصل بي.. هل حقًا تريد بيع هذا القصر؟ سأجد لك زبونًا مناسبًا.. 
تماسك.. تماسك..

************

- "تماسك يا أستاذ محمود.. أنت رجل ناضج.. سوف نتفاهم".

ثم أخرج سيجارًا وأشعله ليبدو وغدًا.. نفث الدخان بكثافة بينما الرجال يحيطون بي.. 
تراجع بظهره قليلاً ليصير بيني وبين حوض السباحة حيث تسبح البالونات. فجأة حدث كل شيء..

فجأة انشق الماء ليخرج هذا الشيء المبتل.. الشيء الملفوف في أكفان.. شيء أعرفه جيدًا.. فجأة التفت الذراع حول جلال.. فجأة جرّته الذراع إلى حمام السباحة... 

صرخ في هلع.. لكن الحقيقة أن كل شيء تم بسرعة إلى درجة أن الرجال لم يتحركوا.. ظلوا يراقبون المشهد في رعب.. حتى الكلاب تراجعت للخلف بلا صوت...
الماء انتثر... الماء يفور... جلال يصرخ كأن تمساحًا يمسك به بين فكيه.. 
في النهاية ساد السكون.....

وعندما ساد السكون بدا الرجال كأنهم جنود مات قائدهم ولم يعودوا على استعداد للقتال لحظة واحدة أخرى... ومن بعيد جاءت الفتاة شيرين وكانت تبكي.. لقد انتهت المسرحية نهاية دامية حقًا.. 

************

أحبك يا سديم..
وأنت تحبينني حقًا..
هناك أجزاء فهمتها وأجزاء لم أفهمها بعد. مثلاً فهمت لماذا بدأت أهتم بجلال وأكتب عنه.. أنت أوحيت لي بذلك.. كان هذا هو الانتقام. لكن ما لم أفهمه بعد هو هل كان هذا القصر هو قصر أبويك فعلاً؟ لم أستطع التأكد من هذه النقطة، ولم أعرف إن كان هذا هو حمام السباحة الذي مت فيه أم لا.. لقد استطاع جلال أن يخفي التاريخ القديم لهذا القصر.. لكن لو كان هذا هو القصر ذاته فأعصاب الرجل قوية جدًا، دعك من أنني لا أفهم لماذا تركته كل هذه الأعوام واخترت الليلة.. ما لم يكن خوفك عليّ جعلك تفعلين ما لم تعتادي فعله، وتعبرين الحدود المحرمة بين العالمين.. 

لماذا لم تساعديني وأنا في الحديقة؟ يبدو أن سبب هذا هو أنك مرتبطة بمياه حمام السباحة فقط، على أن ما تعلمته منك أفادني كثيرًا.. 

الحراس لم يفهموا شيئًا ولم يروا ما حدث جيدًا.. قالوا إن جلال بيه أصابه الهلع فجأة وسقط في حمام السباحة... قد أكون أنا محقًا وتكونين أنت من فعل هذا، وقد يكونون هم محقين وأنا مخرف كبير..
ما أعرفه يقينًا هو أنك لي وأنني أحبك..

يومًا ما سيتم اللقاء النهائي بيننا وتتحطم كل الحواجز..
يومها هل ستعرفين وجهي؟ هل ستتذكرين اسمي؟ هل ستعنين بي في رحلتنا المرعبة عبر الظلمات، كما فعلت بياتريس مع دانتي في (الكوميديا المقدسة)؟
سوف نرى.. سوف نرى..

تمت

بقلم العبقري
د احمد خالد توفيق
منقول من موقع بص و طل